أنا آكل إذا أنا موجود
اشتريت قرص كومبيوتر (لكـ ) يحوي آلاف الكتب بسعر خمس وعشرين ليرة سورية قبل ارتفاع أسعار الوقود واشتريت من محل مجاور كيلو غرام من الكوسا بسعر مئة ليرة سورية ، وتبين لي بعد عملية حسابية بسيطة أن الكوساية الواحدة تساوي بثمنها كل الكتب الموجودة على القرص .
أما الكوسا ، فقد قمنا في البيت بتفريمها بالكامل ، وألقينا بحشوتها الأصلية للدجاج ( نوع من ترشيد الاستهلاك )......
يبدو الفارق كبيرا جدا بين قيمة الكوسا وقيمة الكتب .
لكن لغذاء البطن مزايا ليست لغذاء العقل :
1- لم يكن الكتاب يوما ما من أسباب الحروب ،بل الطعام .
2- لم يمت أحد من قلة القراءة ومات الكثيرون من جوع البطن .
3- الجاحظ قتلته كتبه ، ولم نسمع عن رجل ضرب بكوساية ولا حتى ببطيخة فمات
4- لم يكن الكتاب في أي يوم مهرا للنساء ، ولا زادا في الصحراء ، وكان الطعام كذلك ولم يزل .
5- لم تخرج في أي مكان من العالم مظاهرة لتوفير الكتاب وخرجت المظاهرات تطالب بتوفير الطعام ورخص الأسعار ، وإيصال الدواء لصحة الجسد .
6- لن تجد بيتا واحدا على امتداد الوطن كله دون مطبخ ، لكنك ستجد الكثير جدا من البيوت دون مكتبة منزلية ، ودون أي كتاب ، ما عدا الكتب المدرسية (المفروضة ) ، والأم الخبيرة بإعداد شرائح اللحم والبطاطا ، لا تعلم شيئا عن الشرائح الثقافية ، ولا شرائح الكمبيوتر ، ولا ينقص ذلك من حب زوجها لها.
7- آلاف من حالات الطلاق سببها : سوء تفاهم غذائي، وليس بينها حالة طلاق سببها : سوء تفاهم ثقافي !
8- المسلم الذي يحرم نفسه في نهار رمضان من وجبة واحدة ، يسارع إلى قضائها ، وتعويضها مساء بأكثر منها اما حرمانه من القراءة وانقطاعه عن العلم فلا قضاء له ولا تعويض .
9- أي كمية من القراءة تكفي ، ولا بد من ثلاث وجبات من الطعام يوميا .
10- لا بد لنا في عزوماتنا وسهراتنا عند أقاربنا وأصدقائنا من أن نحرك أضراسنا بالطعام والشراب ، ومن المعيب عادة وعرفا أن نفتح فيها الكتاب .
11- رجال الطعام في وحدة وتفاهم وتكامل وانسجام وأمن وأمان ، ورجال الفكر بين فقير أو مغترب أو سجين أو طريد .
12- أمثالنا مصداق حالنا ، نقول:
- رضينا بالعقول ولم نرض بالأرزاق .
- العقل السليم في الجسم السليم .
- الجيوش تزحف على بطونها .
- الطريق إلى قلب الرجل معدته .
ورحمني الله إذ أقول ( والعفو من عنترة ) :
لو كان بطني معي ما اخترت غيركم ولا رضيت سواكم في الهوى بدلا
لكنه راغب فيمن سيطعمه ولم أجد عندكم سمنا ولا عسلا